أسقط الجيش الأميركي صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من سفينة على المحيط الهادئ، ضمن اختبار أكد لأول مرة أن الولايات المتحدة تستطيع اعتراض صواريخ باليستية عابرة للقارات من سفنها في البحر.
وأعلنت «وكالة الدفاع الصاروخي» نجاح الاختبار يوم الثلاثاء الماضي، قائلة إن المدمرة الأميركية «يو. إس. إس. جون فين» ضربت ودمرت صاروخاً باليستياً عابراً للقارات «ممثلا للتهديد» باستخدام منظومة «إس إم 3 بلوك آي إي إيه» في المحيط الهادئ شمال شرق هاواي.
ويأتي الاختبار في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على تعزيز قدراتها الدفاعية الصاروخية رداً على ترسانة كوريا الشمالية الآخذة في التطور. فالشهر الماضي، كشف الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونغ أون» النقاب عن صاروخ باليستي جديد ضخم ومتحرك عابر للقارات خلال استعراض عسكري في بيونغ يانغ، عبارة عن نسخة أكبر من الصواريخ الكورية الشمالية ذات القدرة النووية التي تستطيع الوصول إلى الولايات المتحدة.
وحتى الآن، تعتمد الولايات المتحدة على صواريخ اعتراضية مخزنة تحت الأرض في قاعدتين بألاسكا وكاليفورنيا لإسقاط صواريخ باليستية عابرة للقارات موجهة نحو التراب الأميركي. واختبار هذا الأسبوع يمنح البنتاغون طبقة دفاع أخرى عبر إظهار أن الأنظمة التي تطلق من البحر والمصممة أصلا لإسقاط صواريخ باليستية متوسطة المدى تستطيع اعتراض حتى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ذات مدى أطول التي تطلق من سفن.
وتلعب السفن دور «نسخة احتياطية» في حال فشلت الصواريخ الاعتراضية المنشورة براً في ألاسكا وكاليفورنيا في ضرب صاروخ باليستي قادم، إذ يقول المخططون العسكريون، إن الفكرة تكمن في رؤية ما إن كان الصاروخ الاعتراضي المخزن تحت الأرض قد نجح في ضرب صاروخ قادم، فإن لم ينجح، فإنهم يستهدفون الصاروخ من جديد انطلاقاً من السفينة الحربية.
وتعليقاً على هذه التجربة، قال نائب الأميرال جون هيل، مدير وكالة الدفاع الصاروخي، في بيان حول الاختبار: «كان هذا إنجازاً مذهلاً ومحطة مفصلية». وأضاف أن البنتاجون كانت تبحث سبل تعزيز دفاعاته الصاروخية المخزنة في مواقع تحت الأرض «من أجل التحوط من التطورات غير المتوقعة في التهديد الصاروخي»، واصفاً الاختبار على أنه خطوة مهمة في تلك العملية.
ويمثل الاختبار تعزيزاً للدفاعات الأميركية ضد الصواريخ الكورية الشمالية، غير أنه يمكن أيضاً أن يدفع القوى المنافسة للولايات المتحدة والمرتابتين في الدفاعات الصاروخية الأميركية منذ وقت طويل – للسعي إلى ابتكار أسلحة أكثر تطوراً ومواصلة حشد الأسلحة الذي يثير قلق البنتاغون.
ولإجراء الاختبار، أخذ الجيش الأميركي «إس إم 3 بلوك آي آي إيه» – وهو عبارة عن نظام دفاع صاروخي طوّرته بشكل مشترك شركتا الصناعة العسكرية «ريثيون» و«ميتسوبيشي هيفي إندستريز» لإسقاط صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى – ووضعه على سفينة حربية. وبعد ذلك، قامت المدمرة «يو إس إس جون فين»، في المياه قبالة هواي، بإطلاق الصاروخ الاعتراضي على الصاروخ الباليستي العابر للقارات هدف الاختبار الذي أطلقه الجيش الأميركي نحو هاواي من موقع الاختبار على جزيرة كوادجالين في جزر مارشال. وكانت الضربة ناجحة.
والواقع أن روسيا لطالما اشتكت بشأن الدفاعات الصاروخية الأميركية، ولاسيما أنظمة الدفاع الصاروخي التي تطلق من البر، والتي نشرتها الولايات المتحدة في بولندا ورومانيا، وتشير إليها كمبرر لأسلحتها النووية الجديدة.
غير أن «توم كاراكو»، زميل مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، يرى أن الصاروخ الاعتراضي لا يستهدف نداً منافسا مثل روسيا، التي تمتلك ترسانة كبيرة بما يكفي للتغلب على الدفاعات الصاروخية الأميركية.
وأوضح كاراكو أن صاروخ «إس إم 3 آي أي إيه» موجه للدفاع وصد تهديد قادم من كوريا الشمالية. كما يمكن نشره أيضاً براً في آسيا للدفاع عن القوات الأميركية في جزيرة غوام ضد صواريخ كورية شمالية، وفي أوروبا في منشآت دفاع صاروخي في بولندا ورومانيا لحماية القوات الأميركية في أوروبا والحلفاء في «الناتو» من الصواريخ.
ووصف «كاراكو»، التجربة الصاروخية الأميركية: بأن أداء «إس إم 3 آي أي إيه» كان جيداً ضد صاروخ باليستي عابر للقارات يعني أنه يمكن التعويل عليه أكثر للتصدي لصواريخ متوسطة المدى وصواريخ متوسطة المدى ومعقدة على نحو متزايد في منطقة غوام».
*صحافي أميركي متخصص في شؤون الجيش الأميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»